responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 364
يَمْنَعُ ثُبُوتَ دَرَكَاتٍ أُخْرَى فِي النَّارِ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِغَيْرِ الْكَافِرِينَ. الثَّانِي: أَنَّ كَوْنَ النَّارِ مُعَدَّةً لِلْكَافِرِينَ، لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْمُؤْمِنِينَ فِيهَا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ هُمُ الْكُفَّارَ فَلِأَجْلِ الْغَلَبَةِ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهَا مُعَدَّةٌ لَهُمْ، كَمَا أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِدَابَّةٍ رَكِبَهَا لِحَاجَةٍ مِنَ الْحَوَائِجِ، إِنَّمَا أَعْدَدْتُ هَذِهِ الدَّابَّةَ لِلِقَاءِ الْمُشْرِكِينَ، فَيَكُونُ صَادِقًا فِي ذلك وإن كان هو قدر رَكِبَهَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ لِغَرَضٍ آخَرَ فَكَذَا هَاهُنَا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: فِي الْجَوَابِ: أَنَّ الْقُرْآنَ كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ فَهَذِهِ الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ النَّارَ مُعَدَّةٌ لِلْكَافِرِينَ وَسَائِرُ الْآيَاتِ دَالَّةٌ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا مُعَدَّةٌ لِمَنْ سَرَقَ وَقَتَلَ وَزَنَى وَقَذَفَ، وَمِثَالُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ [الْمُلْكِ: 8] وَلَيْسَ لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ يُقَالُ ذَلِكَ، وَأَيْضًا قَالَ تعالى: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ [الشعرا: 94] الى قوله: إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ [الشعرا: 98] وَلَيْسَ هَذَا صِفَةَ جَمِيعِهِمْ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الشَّرَائِطُ مَذْكُورَةً فِي سَائِرِ السُّوَرِ، كَانَتْ كَالْمَذْكُورَةِ هَاهُنَا، فَكَذَا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ إِثْبَاتُ كَوْنِهَا مُعَدَّةً لَهُمْ وَلَا يَدُلُّ عَلَى الْحَصْرِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْجَنَّةِ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ [آلِ عِمْرَانَ: 133] لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا سِوَاهُمْ مِنَ الصِّبْيَانِ وَالْمَجَانِينَ وَالْحُورِ الْعِينِ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ وَصْفِ النَّارِ بِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ تَعْظِيمُ الزَّجْرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ خُوطِبُوا بِاتِّقَاءِ الْمَعَاصِي إِذَا عَلِمُوا بِأَنَّهُمْ مَتَى فَارَقُوا التَّقْوَى أُدْخِلُوا النَّارَ الْمُعَدَّةَ لِلْكَافِرِينَ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي عُقُولِهِمْ عِظَمُ عُقُوبَةِ الْكُفَّارِ، كَانَ انْزِجَارُهُمْ عَنِ الْمَعَاصِي أَتَمَّ، / وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُخَوِّفَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ بِأَنَّكَ إِنْ عَصَيْتَنِي أَدْخَلْتُكَ دَارَ السِّبَاعِ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الدَّارَ لَا يَدْخُلُهَا غَيْرُهُمْ فَكَذَا هَاهُنَا.
السُّؤَالُ الثَّالِثُ: هَلْ تَدُلُّ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ النَّارَ مَخْلُوقَةٌ الْآنَ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: نَعَمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ: أُعِدَّتْ إِخْبَارٌ عَنِ الْمَاضِي فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ ذَلِكَ الشَّيْءُ فِي الْوُجُودِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ وَلَمَّا ذَكَرَ الْوَعِيدَ ذَكَرَ الْوَعْدَ بَعْدَهُ عَلَى مَا هُوَ الْعَادَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ فِي الْقُرْآنِ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ يَسَارٍ هَذِهِ الْآيَةُ مُعَاتَبَةٌ لِلَّذِينِ عَصَوُا الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَمَرَهُمْ بِمَا أَمَرَهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، وَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ هَذِهِ الْآيَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ حُصُولَ الرَّحْمَةِ مَوْقُوفٌ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا عَامٌّ فَيَدُلُّ الظَّاهِرُ عَلَى أَنَّ مَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلرَّحْمَةِ وذلك يدل على قول أصحاب الوعيد.

[سورة آل عمران (3) : آية 133]
وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ سارِعُوا بِغَيْرِ وَاوٍ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ، وَالْبَاقُونَ بِالْوَاوِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي مَصَاحِفِ مَكَّةَ وَالْعِرَاقِ وَمُصْحَفِ عُثْمَانَ، فَمَنْ قَرَأَ بِالْوَاوِ عَطَفَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا وَالتَّقْدِيرُ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَسَارِعُوا، وَمَنْ تَرَكَ الْوَاوَ فَلِأَنَّهُ جَعَلَ قوله: سارِعُوا وقوله: أَطِيعُوا اللَّهَ [آلِ عِمْرَانَ: 132] كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَلِقُرْبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنَ الْآخَرِ فِي الْمَعْنَى أَسْقَطَ الْعَاطِفَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: رُوِيَ عَنِ الْكِسَائِيِّ الإمالة في سارِعُوا وأُولئِكَ يُسارِعُونَ [المؤمنون: 61]

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 9  صفحه : 364
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست